قصـــة أسطــــورة
 فـضـل العمــل التطـــوعـي عـلى الرئاسـة

لو قال الناس إن شخصا وصل إلى رئاسة دولة إفريقية كبيرة بانقلاب عسكري، وبعد أن هدأت الأوضاع، تخلى عن السلطة واعـتـزل العمـل السياسـي وفـضـل الاتجاه إلى العمل التطوي والدعوي، فإن المستمع سيبادره بذهول لأن مثل هــذه التصـرفات لا تحدث إلا في الأساطير أو الأفلام فقط...
" نمر بمرحلة حرجة للغاية تعتبر من أخطر المراحل التي مرت بأمتنا!،
وعلينا العودة للتماسك والوحدة والاعتصام بحبل الله لمواجهة تلك المخاطر "
" أن تخصص مبلغاً شهريا  توجهه للعمل الدعوي والخيري
لهو من أوجب الأمور في الوقت الراهن "
" اكتشف الإسلام مؤسسة تختلف تماما عن كل المؤسسات الذي زرتها
فأسلوب الدعوة الحضاري والمتطور دائما يجعلها المنارة الرائدة
والمتخصصة في توصيل رسالة الإسلام السمحة "
" الجهل وغياب الوعي والتعليم المناسب
أكبر العوائق في طريق تقلد المسلمين للمناصب في إفريقيا "

تــوفي سعـــادة الرئيــس الأسبــق بالمستشفى العسكري بالعاصمة السعودية الرياض عن عمر يناهز 83 عاماً،  بعد أن ضرب أروع الأمثلة في التجرد لوطنه وأُمته، وتسخيره عُمرَه وجهده في العمل الإنساني والخَيري، ونشر الإسلام، والعمل على إطفاء الحروب والنزاعات، في أماكنَ مختلفةٍ من العالَم.
  ونعى العديد من المؤسسات الدعوية والخيرية  سوار الذهب، مؤكدين أن التاريخ سوف يذكر بحروف من نور الجهود التي قادها الرئيس السوداني الأسبق وسعيه لنشر الإسلام، وجهوده الخيرية ، وأنها ستظل علامة مضيئة في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية والعالم أجمع.
 وأشادت المؤسسات الإسلامية بمواقفَ سوار الذهب التاريخية والوطنية، وانحيازه الدائم للإنسانية، وجهوده في عمل الخير، وسَعْيه لنشر السلام، والتصدي للقتل وإسالة الدماء.

وُلِد المشير عبد الرحمن سوار الذهب سنة 1354ه/      1935م في أم درمـــــان، التي قـــدم إليها والـــده من مدينة الأبيــض في غـرب السودان. ولكن والده عاد بعد سنتين إلى الأبيض ليواصل نشاطه في نشر العلم وتحفيظ القرآن. وهنالك تلقَّى عبد الرحمن سوار الذهب تعليمه الابتدائي والأوسط والثانوي، ليلتحق بعد ذلك بالكلية الحربية في الخرطوم. وقد تخرَّج ضابطاً في القوات المسلحة السودانية سنة 1374هـ/1955م؛ أي قبل سنة واحدة من استقلال السودان، كما تلقَّى علوماً عسكرية عُليا في بريطانيا والولايات المتحدة ومصر والأردن.
وقد تدرَّج سوار الذهب في السلك العسكري حتى أصبح رئيساً لهيئة أركان الجيش السوداني ووزيراً للدفاع. وفي سنة 1405هـ/1985م تسلَّم مقاليد الحكم في بلاده للخروج بها من أزمة سياسية طاحنة، متعهداً بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة خلال سنة واحدة. وكان برّاً بوعده، فرفض البقاء في الحكم، واعتزل العمل السياسي ليتفرَّغ للعمل التطوعي الإسلامي وخدمة المسلمين، مسخراً لذلك كل طاقته ومكانته وفكره.
أصبح المشير سوار الذهب، عبر نشاطه الجم ومشاركته الفاعلة في القضايا الإسلامية والعربية، من أبرز الشخصيات في العالمين الإسلامي والعربي. وساهم مساهمة فعالة في الدعوة؛ محلياً وإسلامياً وعالمياً، كما حقَّق إنجازات باهرة من خلال رئاسته لمجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي شيَّدت الكثير من المدارس والمستشفيات والمستوصفات ومراكز الطفولة وملاجئ الأيتام والمساجد، كما أنشأت محطات للمياه وحفرت مئات الآبار في أفريقيا.
واختير سوار الذهب، إلى جانب مسئولياته في منظمة الدعوة الإسلامية، نائباً لرئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة بالقاهرة، ونائباً لرئيس الهيئة الإسلامية العالمية في الكويت، ونائباً لرئيس “ائتلاف الخير” في لبنان، ونائباً لرئيس أمناء مؤسسة القدس الدولية، وعضواً مؤسساً في العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية والاجتماعية الإسلامية والعالمية الأخرى، وقام بجهود كبيرة في مجال الإغاثة في فلسطين والصومال والشيشان وأذربيجان، وفي حل النزاعات بين بعض الدول والجماعات الإسلامية وتحقيق السلام في جنوب السودان، وشارك سوار الذهب بفكره وخبرته في كثير من المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالميـة المهتمَّة بالعمل التطوعي والدعوة الإسلامية. وكان له دور كبير في دعم التعليم والعمل الصحي والاجتماعي في بلاده. فهو رئيس مجلس أمناء جامعة كردفان، التي منحته درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدوره في قيامهـا، ومؤسس كلية شرق النيل الجامعية، وأحد المساهمين في تأسيس جامعـة أم درمان الأهلية. وهو رئيس لعدد من جمعيات أصدقاء المرضى، وعضو في عدد آخر منها، ورئيس الصندوق القومي للسلام في السودان، ورئيس هيئة جمع الصف الوطني التي تُعنى بإيجاد الحلول للقضايا السودانية وفي مقدّمتها قضية دارفور.
مُنِح المشير عَبد الرحمن محمّد سوَار الذّهب جائزة الملك فيصل لعام 2004 ، تقديراً لجهوده من خلال رئاسته لمجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلاميَّة في السودان الجائزة والتي شيَّدت كثيراً من المدارس والمسَاجد والمستشفيات والمستوصفات ومرَاكز الطفولة وملاجئ الأيتام، كما حفرت كثيراً من الآبار ومحطات المياه في أفريقيا، إضافة إلى مسَاهمته الفعَّالة في الدعوة، محلياً وإسلاميَّاً وعالميَّاً، وإلى تحلِّيه بالصّدق والوفَاء بالوعد.

كما نعت جمعية اكتشف الإسلام ممثلةً في رئيسها الشيخ إسحاق راشد الكوهجي فقيد الأمة العربية والإسلامية مشيرا إلى أن شخصية سوار الذهب وتفانيه في العمل الدعوي والخيري يعد مثالا يجب أن تحتزي به الأجيال المعاصرة والقادمة منوهناً إلى أن  عهده شهد تعاوناً متميزا بين اكتشف الإسلام ومنظمة الدعوة الإسلامية وسط أجواء من العمل الخيري الهادف ومن خلال تبادل الخبرات الدعوية والعمل المشترك البناء .
رحم الله المشير عبد الرحمن سوار الذهب وأسكنه فسيح جناته وجعل ما قدم في موازين حسناته .